Social Icons

24‏/03‏/2011

نـــداء إلى شـبـاب الـثـورة الـيـمـنـيـة في المحافظات الـجـنـوبية .


في البداية أحب أن أذكر شباب الثورة في المناطق الجنوبية بقوله تعالى: (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين ) ، لان التنازع يؤدي إلى الاختلاف والاختلاف يؤدي إلى الفشل والفرقة ، عندها يخسر الجميع ، فلا تتنازعوا أيه الشباب ، فعليكم بالاجتماع فهو مصدر العزة والقوة ونيل الحقوق والمطالب ، ولذا أحب أن أوجه إليكم بعض النصائح من قلب محب ومخلص :

1 –يجب على الشباب حالاً أن يقوموا بتكوين قيادات شبابية في جميع المحافظات واخص بالذكر محافظة عدن لأهميتها وموقعها الحيوي ، ولما يراد لها من مخططات مختلفة ، من نهب وسلب ، وإثارة للفوضى والاقتتال ، والتصفيات وتشويه روح التصالح والتسامح ، وغيرها من الأمور ، لذا يجب على الشباب أن يكونوا في موقع المسئولية ، وأن يتحلى الجميع بالحكمة والشجاعة والصبر ، وأن لا يختلفوا ، بل يكونوا يد واحدة في هذه اللحظات ، وان كان لديهم أفكار مختلفة ، وأن يتعلّموا من اللقاء المشترك ، كيف يجتمع الفرقاء على أهداف محددة .

2 – أن يوحدوا المطالب التي ينادون بها ، ويكتبوها ويعمموها على جميع قيادات الشباب في المحافظات الجنوبية ، ليتم الاتفاق عليها ، ومن ثم تتكون هيئة عليا للمطالبة بالحقوق الجنوبية يقودها الشباب .

3 – ان نقلّب مصلحة اليمن على مصالحنا الخاصة ، وأن نكون على مستوى عالٍ من المصداقية والنزاهة والخلق ، حتى نكون قدوة لغيرنا ، ونعكس حضارة وأصالة ما نعبر عنه ، ونطالب من اجل تحقيقه .

4 – أن لا ينزلق الشباب إلى العنف والفوضى مهما كان الثمن ، حتى لا يعطوا الفرصه لغيرهم ، للنيل من مطالبهم المشروعة التي ينادون بها منذ فترة طويلة ، وتكون تحركاتهم سلمية ، معمدة بالحب والحوار ، لا بالدم كما يراد لذلك ، وانه لا سبيل إلى نيل المطالب والحقوق إلا بالطرق السلمية .

5 – التواصل مع الشباب في جميع محافظات اليمن حتى تكون هناك لحمة واحدة لإسقاط النظام ، ومن ثم نعرف أنه لا خلاص لليمن إلا في ضل حكم تشترك فيه جميع الأفكار والأحزاب والتيارات في ظل الدولة الواحدة .

6 – الإخلاص والصدق في القول والعمل ، وأن تكونوا أرقى من غيركم في التعامل والحوار ، وفي نصرة المظلوم ، وأن لا تتعدوا على أشخاص أو ممتلكات بغير حق ، و يكون القضاء الحر النزيه في ظل الدولة المدنية هو الفاصل والحكم في كل المنازعات الخاصة .

7 – يجب على الشباب أن يطالبوا بدولة مدنية عادلة ، تساوي بين رعيتها ، وتأخذ للضعيف من القوي ، وتحرس للناس أخلاقهم كما تحرس لهم بيوتهم وأموالهم ، وتحفظ عليهم دماءهم وأعراضهم ، وأن ترد لهم ما سلب منهم في الماضي ، حتى تتحق الوحدة بحقيقتها ، فتكون حكومة خيارهم حكامهم ، وأزهدهم في لعيش أملكهم لأسبابه وأقدرهم عليه ، من هذه الحكومة التي تسابق أهلها في أكل أموال الناس بالباطل ، وهتك الأعراض ، وسفك الدماء .

8 - الصبر ثم الصبر والثبات على المواقف حتى تحقيق الأهداف والتطلعات ، في ظل البلد الواحد .

9 – عدم الإساءة إلى احد ، بل نتعلم الحوار والديمقراطية وحرية الرأي والرأي الآخر ، وأن الرأي قد يحتمل الخطأ والصواب في تقديرات البشر مهما كان ذلك الرأي .

10 – أخيراً : أوصي إخواني وزملائي الشباب أن يعبروا عن تطلعات الجميع ، وأن لا يختزلوا ثورتهم في مصالح ضيقة شخصية ، بل يكونوا صوت للجميع .

هذه بعض النصائح التي أردت أن أوصلها إليكم ، لأنني اشعر بالمسئولية حيال هذه الأحداث التي تعصف ببلدي السعيد ، واسأل الله أن يجنب بلادنا كل الفتن ، وأن يعيدها سعيدة موحدة يفتخر بها العالم اجمع .

16‏/03‏/2011

استغلال المعراضين للثورة بعض الاحاديث الضعيفة .

ألا بعداً لمبارك ، وبعداً لزين العابدين ، وبعداً للمتشدقين المحرفين لشريعة رب العالمين .
يعتقد الكثير من العلماء وأدعياء السلفية المعاصرة ، وغيرهم من المنتسبين إلى السلف زوراً وبهتاناً ، أن حكام الدول العربية المعاصرين هم الخلفاء المهديين ، وأئمة المسلمين ، وأنه يجب على أفراد تلك المجتمعات الرضا بما يلحق بهم من قبل ولي أمرهم ، ولو كان اشد أنواع الظلم ، وعدم المطالبة بحقوقهم ، ويعدون من ينادي بالحقوق المشروعة للأفراد والمجتمعات التي كفلتها الشريعة الإسلامية ، والأنظمة الوضعية ، خارجاً عن جماعة المسلمين ، ، ويثير الفوضى والفساد في ربوع البلاد ، ويستدلون ببعض الأحاديث التي تؤيد أسيادهم ، ويتناسون اقلب الآيات والأحاديث التي تحث المسلم أن يكون أنموذجاً فذاً شجاعاً ، يتسامى إلى أعلى المراتب ، ولذي وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بالمؤمن القوي وقال فيه : ( المؤمن القوي أحب إلى الله من المؤمن الضعيف )، وان تقويم الحاكم والأخذ بيده لمن أعظم الجهاد في سبيل الله كما قال صلى الله عليه وسلم : (أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر ) ولقد ترك لنا السلف أروع الأساليب في المعاملة ، ولذا كان السلف الصالح يتمثلون تلك الأخلاق العالية تجاه المطالبين بحقوقهم ، فهذا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب كان بينه وبين رجل كلام في شيء ، فقال له الرجل : اتق الله يا أمير المؤمنين ، فقال له رجل من القوم : أتقول لأمير المؤمنين اتق الله، فقال له عمر - رضوان الله عليه - : دعه فليقلها لي ، نعم ما قال ، ثم قال عمر : لا خير فيكم إذا لم تقولوها ولا خير فينا إذا لم نقبلها منكم .
وتمثلها كذلك برفع الظلم عن المظلوم عندما جاءه ذلك القبطي ( النصراني ) يشتكي والي مصر عمرو بن العاص ، فأرسل إلى عمرو بن العاص إلى مصر وجاءه إلى المدينة ، وتخيل تلك المسافة التي قطعها حتى يصل إلى المدينة ، فقال للقبطي اضرب ابن الأكرمين ، وقال لعمرو بن العاص المقولة المشهورة : ( متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً ) لم يقل رضي الله عنه لذلك النصراني اصبر واحتسب وان اخذ مالك وضرب ظهرك .
ان الكثير من علماء السلطان ، الذين جعلوا مصالحهم الضيقة مقابل الحقيقة البينة ، يستدلون ببعض الزيادات الضعيفة لبعض الأحاديث الصحيحة ، فيخلطون الحق بالباطل ، ويقولون أنها جاءت في صحيح مسلم ونحوه ، ومنها الزيادة التي جاءت في حديث حذيفة المتفق على صحته ، فقد جاء الحديث في البخاري بهذا النص : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ ، قَالَ : حَدَّثَنِي ابْنُ جَابِرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي بُسْرُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ الْحَضْرَمِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلاَنِيُّ ، أَنَّهُ سَمِعَ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ ، يَقُولُ : كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْخَيْرِ ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ ، مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ ، فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ ، فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قُلْتُ : وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ ، قَالَ : نَعَمْ وَفِيهِ دَخَنٌ ، قُلْتُ : وَمَا دَخَنُهُ ؟ قَالَ : قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي ، تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ ، قُلْتُ : فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، دُعَاةٌ إِلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ ، مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا ، قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ صِفْهُمْ لَنَا ، فَقَالَ : هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا ، وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا ، قُلْتُ : فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ ؟ قَالَ : تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ ، قُلْتُ : فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلاَ إِمَامٌ ؟ قَالَ : فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا ، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ ، حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ) (1) .
وجاء في صحيح مسلم ، حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ حَدَّثَنِى بُسْرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِىُّ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا إِدْرِيسَ الْخَوْلاَنِىَّ يَقُولُ سَمِعْتُ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ يَقُولُ كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنِ الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِى فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِى جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ قَالَ « نَعَمْ » فَقُلْتُ هَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ قَالَ « نَعَمْ وَفِيهِ دَخَنٌ ». قُلْتُ وَمَا دَخَنُهُ قَالَ « قَوْمٌ يَسْتَنُّونَ بِغَيْرِ سُنَّتِى وَيَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِى تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ ». فَقُلْتُ هَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ قَالَ « نَعَمْ دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا ». فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا. قَالَ « نَعَمْ قَوْمٌ مِنْ جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا ». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا تَرَى إِنْ أَدْرَكَنِى ذَلِكَ قَالَ « تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ ». فَقُلْتُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلاَ إِمَامٌ قَالَ « فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ عَلَى أَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ » (2) .
وجاء في حديث ثاني في صحيح مسلم بزيادة ضعيفة كما في الحديث التالي : وَحَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ عَسْكَرٍ التَّمِيمِىُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ ح وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِىُّ أَخْبَرَنَا يَحْيَى - وَهُوَ ابْنُ حَسَّانَ - حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ - يَعْنِى ابْنَ سَلاَّمٍ - حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ سَلاَّمٍ عَنْ أَبِى سَلاَّمٍ قَالَ قَالَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا بِشَرٍّ فَجَاءَ اللَّهُ بِخَيْرٍ فَنَحْنُ فِيهِ فَهَلْ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ قَالَ نَعَمْ. قُلْتُ هَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الشَّرِّ خَيْرٌ قَالَ « نَعَمْ ». قُلْتُ فَهَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الْخَيْرِ شَرٌّ قَالَ « نَعَمْ ». قُلْتُ كَيْفَ قَالَ « يَكُونُ بَعْدِى أَئِمَّةٌ لاَ يَهْتَدُونَ بِهُدَاىَ وَلاَ يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِى وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِى جُثْمَانِ إِنْسٍ ». قَالَ قُلْتُ كَيْفَ أَصْنَعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ قَالَ « تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلأَمِيرِ وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ وَأُخِذَ مَالُكَ فَاسْمَعْ وَأَطِعْ »(3).
« تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلأَمِيرِ وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ وَأُخِذَ مَالُكَ فَاسْمَعْ وَأَطِعْ ».
النَّصُّ الذي يستـــشهد به هؤلاء زيادة ضعيفة منكرة على متن حديث صحيح مشهور متفق على صحته رواه الشيخان عن حذيفة رضي الله عنه كما تقدم ، ثــــمَّ إنَّ مسلماً رحمه الله رواه مرة ثانية بعد سوقه النَّصَّ الصحيح بهذه الزيادة ، عن أبي سلاَّم قال : قال حــذيفة ... وفيـــه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :" ... تسمع وتطيع للأمير ، وإن ضُرب ظهرك ، وأُخذ مالك فاسمع وأطع " قال النووي رحمه الله : قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ : هَذَا عِنْدِي مُرْسَل ؛ لِأَنَّ أَبَا سَلَّامٍ لَمْ يَسْمَع حُذَيْفَة ، وَهُوَ كَمَا قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ ، لَكِنَّ الْمَتْن صَحِيح مُتَّصِل بِالطَّرِيقِ الْأَوَّل ، وَإِنَّمَا أَتَى مُسْلِم بِهَذَا مُتَتَابِعَة كَمَا تَرَى ؛ وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي الْفُصُول وَغَيْرهَا أَنَّ الْحَدِيث الْمُرْسَل إِذَا رُوِيَ مِنْ طَرِيق آخَر مُتَّصِلًا تَبَيَّنَّا بِهِ صِحَّة الْمُرْسَل ، وَجَازَ الِاحْتِجَاج بِهِ ، وَيَصِير فِي الْمَسْأَلَة حَدِيثَانِ صَحِيحَانِ. أهـ . وليس الأمر كما قال رحمه الله فقد فاتته دقيقة من دقائق علم الحديث نبَّه إليها المحققون من علماء الحديث ، وكثيراً ما كان الشيخ الألباني رحمه الله ينبه إليها، وهي أنَّ الطريق الذي فيه ضعف يسير (كالإرسال مثلاً) إذا روي من طريق آخر صحيح تبينا صحة المرسل شرط ألا تكون فيه زيادة تضيف حكماً .. نعم أصل الحديث ثابت لكن هذه الزيادة لا تصح لأنها جاءت بسند منقطع (4) .
وقال الحافظ في تهذيب التهذيب : أرسل عن حذيفة وأبي ذر وغيرهما (5) .
وقال الحافظ العلائي في جامع التحصيل: ممطور أبو سلام الحبشي عن حذيفة وأبي مالك الأشعري وذلك في صحيح مسلم ، وقال الدارقطني : لم يسمع منهما (6) .
قال ذلك في سياق ذكر الرواة المحكوم على روايتهم بالإرسال عن ذلك الشيخ المعين أما على الإطلاق أو في حديث مخصوص حسبما أمكن الوصول إليه ، إلى آخر كلامه رحمه الله .
ويقول الشيخ مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله ، وهذا وفي حديث حذيفة زيادة ليست في حديث حذيفة المتفق عليه وهي قوله : ( وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك ) فهذه الزيادة ضعيفة لأنها من هذه الطريق المنقطعة (7)
وهذا الطريق أتى به مسلم رحمه الله متابعة كما قال النووي رحمه الله ، لكنه أتى به ليبين علته فقد صرح في أول صحيحه أنه سيذكر بعض الأحاديث ليبين علتها ، وهذا منها ، إذ يبعد أن يغيب عن مسلم رحمه الله أن أبا سلام لم يسمع حذيفة رضي الله عنه ، وقد روى الحديث أيضاً أبو داود وأحمد عن سبيع بن خالد وهو كما ذكر ابن حجر رحمه الله مقبول ، يعني عندما يتابع ، ولا متابع له في هذه الزيادة .
أما أنَّ هذه الزيادة منكرة فلأنها تخالف الشريعة التي جاءت لرفع الظلم عن الناس ، ولتبعث حياة العزة والرفعة في الخلق .
الشريعة التي تُعلِّـــق فساد الأمم على وجود الظلم ، وتضع المظلوم الراضي بالظلم في مرتبة الظالم الممارس له ، قال الله تعالى : (وإذ يتحاجون في النار ، فيقول الضعفاء للذين استكبروا : إنا كنا لكم تبعاً فهل أنتم مغنون عنا نصيباً من النار ؟ قال الذين استكبروا : إنا كل فيها ، إن الله قد حكم بين العباد) . هذه الشريعة سمت المستضعفين الذين لا يتحركون ضد الظلم ظالمين ، ولم تــقبل أعذارهم ، فقال الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ ، قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا، فَأُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ) ، هل يعقل أن تقول الشريعة هذا ، ورسولها يقول : ( إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه ، أوشك أن يعمهم الله بعقاب من عنده ) . والنصوص في هذا كثيرة ، فالشريعة في نصوصها ومقاصدها تحث على رفض الظلم ، وتأبى أن يسكت الناس عن الظالمين . فهل يعقل أن يأمر النبي صلى الله عليه وسلم المسلم أن يتسامح في أكل ماله ، وجلد ظهره ؟! هذا من عجائب المسلمين الذين سوغوا السكوت عن الظلم ، وحولوه إلى صياغة شرعية .
أين هذا من كلام أبي بكر وعمر رضي الله عنهما للناس عندما بويعا للخلافة ، حيث يأمران الناس بأن يقوموهما بالسيف إذا رأوا منهم اعوجاجا ... هل يعقل يكون منهج الصحابة نزع يد الطاعة على من أجل ذراع قماش ، أعني هذا الذي قال لعمر رضي الله عنه : لا سمع ولا طاعة من أجل ثوب كما في القصة المعروفة ، ولم يقل له أحد من الصحابة : ويحك أمن اجل ثوب ؟! بل عليك أن تسمع وتطيع .. ولم يقل له عمر رضي الله عنه : بل تسمع وتطيع رغمــاً عنك .
ان كتمان الحقيقة وتزويرها ، وتشويه الحق وقمعه ، ونشر الظلم وتقنينه ، والاستعانة بأصحاب العمائم المختلفة لإصباغه بالشرعية، الذين يرهبون الناس ويخوفونهم مما قد يقدموا عليه من مطالبتهم بحقوقهم ، ويمارسون الإرهاب الفكري ضد أولائك، حتى ترى الكثير منهم بقصد وبغير قصد يصورون أن الإقدام على المطالبة بالحقوق ، وعدم الرضا بالظلم من الخروج عن الشريعة ، الذي يعقب صاحبها العذاب الأليم في الدنيا والآخرة ،وان هذه من منطلقات الخوارج التي تريد نشر الفوضى والخروج على الحاكم .
ألا بعداً لمبارك ، وبعداً لزين العابدين ، وبعداً للمتشدقين المحرفين لشريعة رب العالمين .

1 - صحيح البخاري – حسب ترقيم فتح الباري – ج4/ص242 – رقم 3606 .
2 - صحيح مسلم ج6 / ص20 – رقم 4890 .
3 - صحيح مسلم ج6 / ص20 – رقم 4891 .
4 - المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - أبو زكريا يحيى بن شرف بن مري النووي - دار إحياء التراث العربي – بيروت - الطبعة الثانية ، 1392هـ -عدد الأجزاء : 18 – ج6/ص321 .
5 - تهذيب التهذيب – ابن حجر العسقلاني – ج10 / ص263 .
6 - جامع التحصيل في أحكام المراسيل - أبو سعيد بن خليل بن كيكلدي أبو سعيد العلائي - تحقيق : حمدي عبد المجيد السلفي عالم الكتب – بيروت - الطبعة الثانية 1407 – 1986 – ص286 .
7 - الالتزامات والتتبع – للدارقطني – دراسة وتحقيق الشيخ / مقبل بن هادي الوادعي – دار الكتب العلمية ، بيروت – لبنان – الطبعة الثانية ، 1405هـ - 1985م - ص181 – 182 .

تضحية شباب العرب طريق إلى سعادة شعوبهم العربية


بُعث الرسول صلى الله عليه وسلم وقد بلغت شقاوة الإنسانية غاية ما وراءها غاية ، وعلم الله عند بعثة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أن الروم والفرس والأمم المتحضرة المترفة لن تتعرض للخطر ، وتتحمل المتاعب والمصاعب في سبيل خدمة الإنسانية البائسة ، وأنها لا تتنازل عن حظوظها ولذاتها وزخارفها فضلاً عن حاجاتها ، وأنه لا يوجد فيها أفراد يقوون على قهر شهواتهم ، والحد من أطماعهم ، والزهد في فضول الحياة ومطامع الدنيا .
لقد اختار الله لرسالته امة تضطلع بأعباء الناس ، وتقوى على التضحية والإيثار ، من أجل صلاح الإنسانية أجمع .
لقد جاء وفد قريش وعرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم كل ما يغري من المال والجاه والرئاسة والملك ، وكلمه عمه وحاول أن يحد من نشاطه لكنه أبى عليه الصلاة والسلام إلا المضي في سبيل إخراج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ، من الخضوع للبشر إلى الخضوع لرب البشر ، ومن الذل والمهانة إلى العزة والكرامة .
كان أسوة الناس في عصره ، وبعد عصره بقيامه بكل صنوف الخلق الرفيع من الزهد والإيثار والقناعة وشظف العيش ، وتعدى ذلك إلى أسرته وأهل بيته ، فكان أكثر الناس اتصالاً به وأقربهم إليه أقلهم حظاً في الحياة ، وأعظمهم نصيباً في التضحية والإيثار ، فإذا أراد أن يحّرم شيئاً بدأ ذلك بعشيرته وبيته ، وإذا سن حقاً أو فتح باباً لمنفعة قدم الآخرين وربما حرّمه على عشيرته الأقربين .
لقد أراد أن يحرم الربا فبدأ بربا عمه العباس بن عبد المطلب فوضعه كله ، وأراد أن يهدم دماء الجاهلية فبدأ بدم ربيعة بن الحارث ابن عبد المطلب فأبطله ، وسن الزكاة وهي منفعة مالية عظيمة مستمرة فحرمها على عشيرته بني هاشم إلى آخر الدهر ، وكلمه علي بن أبي طالب يوم الفتح أن يجمع لبني هاشم الحجامة مع السقاية فأبى ، وطلب ذلك عثمان بن طلحه وناوله مفتاح الكعبة ، وحمل أزواجه على الزهد والقناعة وشظف العيش ، وخيرهن بين عشرتهن مع الفقر وضيق العيش ، أو مفارقته لهن ، مع سعة الرزق والعيش ، وهكذا كان شانه مع أهل بيته المتصلين به فالأقرب ثم الأقرب ، ومع أصحابه من بعده ، لأن سعادة البشرية إنما كانت تتوقف على ما يقدمونه من تضحية وإيثار ، وما يتحملون من خسائر ونكبات في سبيل سعادة الشعوب اجمع .
لقد كان إحجام العرب عن هذه المكرمة وترددهم في ذلك في عصرنا الحاضر ، كان امتداداً لشقاء الإنسانية واستمراراً للأوضاع السيئة في العالم قال تعالى : (إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير ) .
إن العالم لا يسعد وخيرة الشباب في العواصم العربية عاكفون على شهواتهم ، تدور حياتهم حول المادة ، والمعدة ، لا يفكرون في غيرها ، ولا يترفعون عنها ، لقد كان شباب بعض الأمم الجاهلية الذين ضحوا بمستقبلهم في سبيل المبادئ التي اعتنقوها أكبر منهم نفعاً ، وأوسع منهم فكراً .
لقد أتى على العالم العربي عهدا ، أصبحت الحياة فيه تدور حول فرد وأحد ، وهو شخص الملك أو الرئيس ، وحول حفنة من الرجال وهم الوزراء وأبناء الملوك والرؤساء ، وأصبحت البلاد ملكاً شخصياً لذلك الفرد السعيد ، والشعوب كلها فوجاً من الخدم والعبيد ، يتحكم في أموالهم وأملاكهم ونفوسهم وأعراضهم ، عندها أصبحت الشعوب هزيلة لا شخصية لها ولا كرامة ، وأصبح هذا الفرد هو الذي تدور لأجله عجلة الحياة .
إن هذا العهد غير قابل للبقاء والاستمرار في أي مكان وفي أي زمان ، ولا سبيل إليه إلا إذا كانت الأمة مغلوبة على أمرها أو مصابة في عقلها ، أو فاقدة الوعي والشعور ، أو ميتة النفس والروح .
إن هذا الوضع لا يقره عقل ، ومن يسوّغ أن يتخم فرداً أو بضعة أفراد بأنواع من الخيرات ، وتموت الشعوب جوعاً ومسغبة .
من الذي يسوغ أن يعبث أفراداً بالمال عبث المجانين ، والناس لا يجدون من القوت ما يقيم صلبهم .
إن هذا العهد يتهاوى ، لقد بقي مدة طويلة فقد كان ذلك على غفلة من الشعوب أو على الرغم منها ، ولكنه خليق بأن ينهار ، ويتداعى كلما أشرقت شمس الحرية ، واستيقظ الوعي لدى الشعوب ، وهبت تحاسب نفسها وأفرادها ، كما حدث في تونس ومصر ، والحبل على الجرار .
إن أخوف ما يخاف على الشعوب ، ويعرضها لكل خطر ، ويجعلها فريسة للمنافقين ، ولعبة العابثين هو فقدان الوعي ، وافتتانها بكل دعوة ، واندفاعها إلى كل موجة ، وخضوعها لكل متسلط ، وتصبح لا تميز بين الصديق والعدو ، وبين الناصح والغاش ، وأن تلدغ بجحر مرة بعد مرة ، ولا تنصحها الحوادث والأيام ، ولا تروعها التجارب ، ولا تزال تولي قيادها من جربت عليه الغش والخديعة والخيانة والأنانية والجبُن والعجز ، وكان سبباً للهزيمة والذلّة ، ولا تزال تضع ثقتها فيه ، وتنسى سريعاً ما لاقت على يده من الخسائر والنكسات ، سريعة النسيان لماضي الزعماء والقادة ، وهي ضعيفة في الوعي الديني والاجتماعي والسياسي ، وذلك ما جر عليها ويلاً عظيماً وشقاءً كبيراً ، وسلط عليها القيادة الزائفة المخادعة .
إن الأمم الأوربية برغم إفلاسها في الروح والأخلاق ، لكنها قوية الوعي المدني والسياسي ، وأصبحت تعرف نفعها من ضررها ، وتميز بين الناصح والمخادع ، وبين المخلص والمنافق ، وبين الكفؤ والعاجز ، فلا تولي قيادها إلا الأكفاء والأقوياء والأمناء ، ثم توليهم أمورها على حذر ، فإذا رأت منهم عجزاً أو خيانة أو رأت أنهم مثلوا دورهم وانتهوا ، تخلت عنهم ، وبادلتهم برجالاً أقوى منهم ، وأعظم كفاءة ، وأجدر بالموقف ، ولم يمنعها من إقالتهم أو إقصائهم من الحكم ، فأصبح الزعماء ورجال الحكم حذرين ساهرين يخافون رقابة الأمة وعقابها ، وبطش الشعوب الجبارة .
فمن أعظم ما يخدم الشعوب الحالية ، وتؤمن من المهازل والمآسي التي لا تكاد تنتهي هو إيجاد الوعي في طبقاتها المختلفة ، وتربية الجماهير التربية العقلية والمدنية والسياسية .
إننا نحتاج اليوم إلى مثل أولائك الشباب الذين ليدهم القدرة على التضحية بإمكانياتهم ومستقبلهم في سبيل خدمة الإنسانية .
إن العالم العربي بمواهبه وخصائصه وحسن موقعه الجغرافي ، وأهميته السياسية ، يحسن الاضطلاع برسالة الإسلام ، ويستطيع أن يتقلد زعامة العالم الإسلامي ، ويزاحم الغرب ، بقوة رسالته ، ويحول العالم من الشر إلى الخير ، ومن النار والدماء إلى الهدوء والسلام .



واجــب الإســـلامــيــيــن الـيـــوم .

سقطة الخلافة العثمانية بتخطيط دقيق من أحزاب الباطل ، وقوى الشر بشتى مشاربها وصنوفها واتجاهاتها ، فكانت الساحة ميداناً نشطاً لأحزاب المختلفة لتتصدر قضايا المسلمين ، وتلبس عليهم دينهم ، فمزقت الأمة ، وسيطرت على مقومات حياتها ، وتنوعت تلك الأحزاب ، والحكومات المختلفة في مناهجها (1)، وفقد الناس الصورة الناصعة للقيادة الحكيمة والفئة الرشيدة ، فهم إما بعيدون عن الواقع السياسي والمعترك العملي للناس ، أو هم تحت أقبية السجون ، حتى أصبح المزج بين السياسة والإسلام إجراماً في تصور أهل الباطل ، وأصبح ذلك تصوراً عاماً عندما عامة المسلمين.
ولهذا فان عملية إنقاذ الناس من الضلال ، ومن سيطرة الباطل تتم بإيجاد قوة منظمة لها نفس البناء التكويني الشكلي للأحزاب ، ولها الخط المميز المنهجي للحركة والعمل والبناء والتنمية . (2)
وهذا العمل ليس بدعة من الأمر ، بل هو ضرورة حتمية لعلاج الأمة ، وإبعاد سيطرة الباطل ، ويجب أن تلتئم جميع القوى الإسلامية الفردية والمبعثرة ، أو الجماعية المختلفة ، وأن تعمل تلك القوى على إيجاد تجمع واحد يسير نحو الغاية القويمة لكي يعيد للإسلام نصابه ، وللمسلمين منهجهم ونمط حياتهم الإسلامي . (3)
ومما لا شك فيه أن إيجاد العمل الإسلامي الجماعي المنظم الذي يعتمد مبدأ الشورى والعدل ، والوضوح والعلن ، سيكون أمراً صعباً على كثير من النفوس التي جُبلت على التسلط والتفرد ، لذلك لا تجتمع على إيجاده إلا النفوس القوية .
لا بد أن يقوم العمل الجماعي الإسلامي على أسس وقواعد تضبط مسيرته ، وتحكم ديمومته ، ومنهجية واضحة ومكتوبة يطلع عليها الجميع ، ويتحلى بكل الصفات الحضارية ، ويتسلح بكل الوسائل العصرية ، والاتجاه للعلم بكل صنوفه وأشكاله ، وهو أساس نهضة الشعوب والمجتمعات .
إن كثير من الأفكار الإسلامية إما مستغلة أو مستعمرة ، فمجرد أن يحدث التغير النفسي للمسلم تجاه غايته التي هي إرضاء الله عز وجل تبدأ الخطوات الأولى في الطريق ، وتسير القافلة ، ولذلك يقول الله عز وجل : (إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ) ، عندها يكون الإسلام نظام شامل يتناول الحياة جميعاً ، فهو دولة ووطن ، و حكومة وأمة ، وهو خلق وقوة ، ورحمة وعدالة ، وهو ثقافة وقانون وعلم وقضاه ، كما هو عقيدة صادقة ، وعبادة صحيحة سواء بسواء . (4)
إن التطرف في الفهم تجاه أمور في الإسلام دون أمور أخرى غير صحيح ، وفهم خاطئ ، فالذي يظن أن التعاليم الإسلامية والفكرة الإسلامية تتناول الجوانب العبادية أو الروحية دون غيرها من نواحي الحياة مخطئ في هذا الظن ، لا بد أن تتكون عقليات روحية وسياسية وفكرية وعلمية مختلفة ، عندها تتكامل الشخصية الإسلامية وتكون قادرة على النهوض والتقدم والرقي الحضاري .
لقد أدرك أعداء الإسلام خطورة اتصال الدعاة بالجماهير ، وأدركوا دور الجماهير في نصرة الحق وتأييده ، فعملوا بكل ما أوتوا من جهد على عزل الدعاة عن هذه الجماهير بالإشاعات المُغرضة ، والتهم الملفقة ، وصوروا للجماهير أن هؤلاء الدعاة إرهابيون متطرفون ، غرضهم الإساءة لعامة الناس ، وهذا كله لتظهر الدعوة الإسلامية بمظهر الطائفة المفارقة لعامة الناس ، فيتحقق بذلك الفصل بين الدعاة وبين الأمة في الآمال ، والآلام . (5)
في الوقت الذي تتنافس فيه الدعوات والأفكار على الجمهور ، وكل يحاول أن يحتوي هذا الجمهور لصالحه ، ويوظفه في صفه ، فإن دعوة الله وحدها تعمل لخير الجمهور ، ولا تريد من الجمهور أن يكون بقرة حلوباً لصالح فرد أو فئة أو حزب ، فهي دعوة تعطي من يؤمن بالله رباً ، وبالإسلام ديناً ، ومنهاج حياة ، أياً كان لونه وجنسه ولغته ، أرفع الرتب البشرية والمقامات العالية . (6)
إلى متى سيبقى المسلم عبداً لغيره ، ويهجر هذا العالم ويعتزله ، ويتنازل عنه زهدا ًفيه ، أو هروباً منه ؟
لا ينهض العالم الإسلامي إلا برسالته التي وكلها إليه مؤسسه محمد صلى الله عليه وسلم ، والإيمان بها والاستماتة في سبيلها ، وهي رسالة قوية واضحة مشرقة ، لم يعرف العالم رسالة أعدل منها ولا أفضل ولا أيمن للبشرية منها .(7)
إن الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده ، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة ، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام .
من ضيق خناق هذه الحياة المادية ، والمسيطرون السياسيون الذين يحتكرون وسائل الحياة والرزق والقوت ، يضيقون هذه الحياة لمن شاءوا ، ويوسعونها لمن شاءوا ، يبسطون الرزق لمن شاءوا ويقدرونه لمن شاءوا ، فأصبحت المدن الواسعة أضيق من جحر ضب ، وأصبح الناس في بلادهم في حجر ، كحجر السفيه واليتيم .
وأصبح الناس في أغلال وأصفاد في كل مكان ، مهددين في كل وقت بمجاعات مصطنعه وحقيقية ، وحروب خارجية وداخلية ، واضطرابات شبه يومية . (8) .
لقد انفضحت الأنظمة المصطنعة وبدت سوأتها للناس ، واشتد تذمر الناس منها ، فهذا طور انتقال من قيادة الظلم والجور والفساد ، إلى قيادة العدل والتنمية .(
9)
إن علة المسلمين اليوم هو الرضا بالحياة الدنيا والاطمئنان بها ، والارتياح إلى الأوضاع الفاسدة ، فلا يقلقه فساد ، ولا يزعجه انحراف ، ولا يهيجه منكر ، ولا يهمه غير مسائل الطعام والشراب واللباس .
إذا أردنا أن نضطلع برسالة الإسلام ، فلا بد من تجميع للقدرات المبعثرة ، والاستعداد التام في العلوم والصناعة والتجارة والسياسة ، وكل الفنون الحياة المختلفة .
إن التماسك حول العقيدة القويمة ، والقيادة الأمينة هو الذي يتعب الأعداء في كل زمان ومكان ، وهو الذي يكلفهم الجهد والمشقة ، عندها تتجه جهودهم لتحطيمها .(10)
فهل حان الأوان أن نفيق من سباتنا ، ونطلق من ركودنا ، ونتجه نحو الواقع بالبناء والتطور ، لنحقق العدل والتنمية لشعوبنا ؟ .
(1) الأهداف الرئيسة للدعاة إلى الله - ص21 .
(2) جند الله – ص25 .
(3) الأهداف الرئيسة للدعاة إلى الله – ص22 .
(4) رسائل البناء – ص11 .
(5) قواعد الدعوة إلى الله - ص145 .
(6) قواعد الدعوة إلى الله - ص147 .
(7) ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين – ص285 .
(8) ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين – ص286 .
(9) ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين – ص288 .

نـــداء إلــى شبــاب ثــورة الــيـمـن .


كنت أقول قبل حوالي أربعة أشهر وأنا احلل المشكلة الجنوبية ، وما توصل إليه الناس من قناعة بفك الارتباط والرجوع إلى جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ، فالانفصال حاصل لا محالة إلا أن يكون هناك أمر إلهي يغير الخارطة بالكامل دون أي تدخل للبشر في صنع ذلك .
كان الانفصال قاب قوسين أو أدنى وان طال والوقت فسيكون خلال بضع سنين ، ولكنها القدرة الإلهية التي غيرة الخارطة العربية اجمع .
اعتقد أن الأمر الإلهي قد اتضحت معالمه ، وهو التغير المفاجئ الذي حدث للشعوب العربية ، وللشعب اليمني وخاصة المناطق الشمالية على وجه الخصوص.
لقد كان الجنوبيون ينظرون إلى إخوانهم في المناطق الشمالية ليس بمنظار الكراهة المتوارثة ، بل بسبب سكوتهم عن ظلم الحاكم المستبد لأبناء المناطق الجنوبية ، وما حل بممتلكاتهم وأرضهم وثرواتهم ووظائفهم ، ولم يكن هناك من يناصرهم في مطالبهم المشروعة والوقوف إلى صفهم ، حتى بمجرد أن يقال أن أبناء الجنوب أصحاب مطالب حقيقية بسبب ممارسات النظام القمعي الذي يتربع على عرش الفتن والمشاكل والتفريق بين الناس ، ولا بد من إنصافهم إلا القليل ممن ليس لهم حول ولا قوة .
لقد عانى أبناء المناطق الجنوبية الكثير ، وخاضوا نضالا سلميا لفترة تزيد على خمس سنوات متتالية إلى وقتنا الحاضر ، وقدموا الكثير من الشهداء والجرحى والتشريد والسجن والإرهاب بكل صنوفه وألوانه ، وكان باستطاعتهم أن يدافعوا عن أنفسهم بما لديهم من سلاح ، ولكن رقم التضحيات كان كفاحهم سلميا ، وهذه النقطة من النقاط التي يجب على شباب الثورة حاليا في اليمن ككل أن يستفيدوا منها ، بل ويقدموا وسام شكر لأولئك الشباب الذي بذلوا كل غالي ونفيس من اجل الكفاح والنضال السلمي في نيل الحقوق المشروعة .
ففي هذا المقام أحب أن أوجه نداء لشباب الثورة في عموم محافظات اليمن حتى لا يقعوا بكمائن ومكائد النظام التي زرعها منذ سنين ، وعندها نستطيع أن نتقلب على المشكلات التي تعصف باليمن السعيد ، ونثبت أننا يمن واحد .
أولا : أنني أنادي الشباب أن يصمدوا في نضالهم وتضحياتهم مهما كلف الأمر وبالطرق السلمية ، حتى نثبت للعالم اجمع أننا شعب حضاري ، وليس كما روج النظام وأشاع بأننا شعب متخلف لا نعرف إلا لغة القتل والسلاح في وجه بعضنا البعض ، ولا يمكن أن نقدم التنازلات إلا لغيرنا .
ثانيا : لا بد أن نحدد المستقبل الذي نريده لليمن ، ولا نمارس ما مارس النظام الفاشي على شعبه من القهر والظلم والإقصاء والاستحواذ على مقدرات البلاد لحساب فرد أو طرف بعينه فيما بيننا بعد أن ننتصر إن شا الله ، بل فيجب على الشباب اجمع أن يشكلوا مجالس في جميع المحافظات ومن ثم يحددوا النظام الذي يجب أن يكون في المستقبل ، وأن تكون هناك رؤيا واضحة للمستقبل السياسي في اليمن ، وان يكون هناك خصوصية يراعى فيها أبناء المناطق الجنوبية ومحافظة صعده بتحقيق مطالبهم ، لنتمكن من انتشال الوحدة من الوحل الذي وضعها فيه النظام الفاشي ، ونوسع برنامج التصالح والتسامح الذي نودي فيه خلال السنوات الخمس السابقة بين ابناء المناطق الجنوبية ، ليشمل أبناء اليمن اجمع ، عندها نستطيع أن نصل إلى حكم يشترك فيه جميع أبناء اليمن.
ثالثا : أن يكون الحوار هو الطريق الذي من خلاله نصل إلى تحقيق مطالب الجميع ، وأن لا يكون هناك من يستأثر بذلك ، ويطلق على نفسه الطرف القوي في مقابل الطرف الضعيف ، بل يكون الجميع صفا واحدا في نصرة المنظوم ورد الحقوق إلى أهلها ، لنقل اليمن إلى الغد المشرق الجميل .
رابعاً : لا بد أن نبني ثقافة الحكم المشترك لجميع اليمنيين في ظل تعدد الأفكار والتيارات والأحزاب في اليمن الواحد ، فلقد انتهى زمن الحاكم الواحد المستبد الذي يسخر الدولة وكل مقدراتها لخدمته ، بل تسخر كل المقدرات لخدمة الشعب ، وأن يجتمع الجميع لا لتحقيق مصالح خاصة فئوية ، بل لتحقيق مصالح اليمن الجديد .
خامساً : أحب أن أشيد بالكلام الذي قاله الشيخ حميد الأحمر في قناة سهيل بأن يكون الرئيس القادم من أبناء المناطق الجنوبية ، وأن يكون شخصية مدنية ، وذو كفاءة عالية .
سادساً : كما أن لدي اقترح موجه إلى اخواني في المناطق الشمالية وهو أن تكون العاصمة اليمنية عدن من أجل تعميق الوحدة واثبات حسن النوايا الحقيقية ، وان كان هذا الاقتراح قد يزعج الكثيرين ، فيمكن أن يكون هناك حل وسط ، وهو أن تكون كل من عدن وصنعاء عاصمة لليمن ، على سبيل المثال صنعاء عاصمة الرئاسة ومجلس النواب ، وعدن عاصمة الحكومة اليمنية والسفارات الأجنبية ، أو العكس ، ويكون هناك مطارين دوليين لكل من صنعاء وعدن .
سابعاً : الابتعاد عن النعرات الطائفية والقبلية والمناطقية الجاهلية التي انتشرت في حقبة النظام البائد ، والتعامل مع اليمنيين كأبناء قبيلة واحدة ، وأن يسود الاحترام المتبادل بين الجميع .
ثامناً : يجب دمج قوات الأمن المركزي والحرس الجمهوري والقوات الخاصة في مؤسسة الجيش ، لان هذه الأجهزة الأمنية إنما صممت من اجل حماية الرئيس فقط ، وعندها نستطيع أن نكّون مؤسسة عسكرية يشترك في صناعتها أبناء اليمن ككل ، ويجب أعادة إفراد الجيش الجنوبي الذي تم تسريحهم بعد حرب عام 94 ليشاركوا في صناعة المؤسسة العسكرية الحديثة وفق نظام عسري حديث ومستقل لا يخدم طرف على طرف ، وإنما يخدم اليمن من أي غزو أو تدخل خارجي يشترك في صناعته جميع أبناء اليمن بكل مهنية وحيادية .
تاسعاً : حل الأمن السياسي والأمن القومي وغيرها من الأجهزة امن الدولة التي صممت لقمع الشعب ، وتكوين جهاز بمواصفات مدنية تخدم المواطن والوطن ، ويشترك في ذلك الخيرين من أبناء اليمن الذين لم تلطخ أيديهم بدماء الأبرياء .
عاشراً : الإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين ، والعفو عن المعارضين السياسيين في الخارج ليتسنى للجميع الرجوع والمشاركة في صناعة اليمن الجديد .
الحادي عشر : إقامة حكم محلي واسع الصلاحيات في أطار انتخابات حرة ونزيهة على أساس القائمة النسبية ، وإطلاق الحريات للمشاركة في صناعة الدولة .
الثاني عشر : أطلاق الحريات الإعلامية بكل جوانبها ، الصحفية والقنوات الفضائية والمواقع الإلكترونية وغيرها من المجالات الإعلامية .
الثالث عشر : الحرية في تكوين النقابات ومنظمات المجتمع المدني ، والأحزاب .
وهناك اقتراحات كثيرة يمكن أن ننبه عليها في حينا ، وأتمنى أن يكون الشباب على قدر المسئولية .
حفظ الله اليمن حرة موحدة ، يسودها العدل والحرية والمواطنة الحقيقية .



02‏/03‏/2011

الحكم المشترك في ظل تعدد الأحزاب والأفكار والتيارات في ظل الدول العربية


لقد تأسست الدولة الإسلامية على يد مؤسسها صاحب الوحي والشريعة محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام ، والمؤيد من قبل الله سبحانه وتعالى ، في ظل ظروف متشابهة لما نعيشه في واقعنا المعاصر من ضعف وتمزق وتقاتل وتناحر بين العرب أنفسهم .
لقد كانت فترة ما قبل الدولة الإسلامية تعج بالفوضى وانتهاك الحرمات ، وتسلط الكثير من حكام القبائل والعشائر وملوك بعض البلاد ، مع تشتتهم وعدم الرقبة في الاجتماع واللحمة ، وذلك لعدم تنازلهم أو الخضوع لبعضهم البعض مع قرب الصلاة التي تربطهم ، وفي المقابل كان هناك تمركز لقوا كبرى من حولهم لها سمات الدول المنظمة ، صاحبة السيادة المطلقة كما في عصرنا الحاضر .
لقد دارت بين أفراد تلك القبائل المتناثرة حروب طاحنة ، بل كثير مناها كان يحدث بين أفراد القبيلة الواحدة ويستمر لعشرات السنين مخلفاً المئات من القتلى ، الإبادة الجماعية للحرث والنسل .
وهذا إنما يدل على حجم التخلف الذي وصلت إليه تلك القبائل المتناثرة هنا وهناك ، ومقارنة بدول لها قدرة عالية من التنظيم والتطور في مختلف ميادين الحياة ، كانت تعيش بجوارهم .
لم يكن يحلم ذلك العربي البسيط في تلك الصحراء المترامية التي ألف العيش فيها ، إلا بفريسة ينقض عليها في صباحه الباكر ، ومن ثم يعود وهو ينشد الشجاعة والمجد ، وإذا استشعر العار أو المهانة مما حوله واقرب الناس إليه كانت النتيجة أن يقدمهم قربانا في سبيل تحقيق تلك الكرامة المزعومة، أو دفع لتهمة العار التي يعتقد أنها تلاحقه بوجود بنيات صغيرات في بيته يخشى أن يسببن له العار والذل في المستقبل.
لم يستطع أولئك أن يقيموا دولة قائمة على النظام ذات سيادة واحدة ، يسودها العدل وينتشر الخير في أرجائها ، حتى جاء الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام وهو يحمل الهدى والنور لقومه وأمته ، لم يكونوا يصدقون أن ذلك سيحدث ، فكان الأعراض من قبل قومه وعشيرته لشعورهم باستحالة ما يدعوا إليه وهو يقول لهم ، قولوا لا إله إلا الله كلمة تدين لكم بها العرب ، وتملكوا بها العجم ، لقد كان تمسكهم بما كان عليه الآباء والأجداد شعور يقودهم للمحافظة على ارث الماضي البغيض ، لكنها النبوة التي بشرت بها الرسالات السابقة على يد انبياء بني إسرائيل باقتراب النور الخاتم ، وانتقال القيادة من بني إسرائيل إلى امة جديدة تعمل أثمارا ، وان الله سيبارك فيها ويكثرها ، ويكون مجدها محموداً بين الأمم والشعوب ، وان بداية ذلك النور سيكون من جبال فاران ( مكة المكرمة ) ثم يصل ذلك النور لجميع العالمين .
لقد تأسست دولة الإسلام وكانت مثالاً للعدل والحرية والكرامة ، وإرساء قواعد العدل والمساواة بين البشر ، وفي ظلها تساوى الجميع في الحقوق والواجبات ، وانه لا فرق بين ابيض أو أسود إلا بما يحمله من إيمان وتقوى ، فاستطاع محمد العربي الأمي أن ينتشل تلك الأمة المتناثرة المتناحرة ، ليكون منها تاريخ وحضارة شهد له التاريخ اجمع .
لقد جاء ليخرج الناس من العبادة للفرد وتسخير الحياة من اجله ، إلى عبادة رب العباد وجعل الحياة طريق لمرضته سبحانه .
ولما عاد الأحفاد بعد قرون طويلة إلى عقلية الماضي السحيق المبنية على تسلط القوي على الضعيف ، وسلب الضعيف كل خيارات الحياة والعيش بكرامة ، وفي المقابل دولة غربية وصلت إلى مراتب عالية من التقدم والرقي ، وجعل مصلحتها فوق القيم والمبادئ التي تنادي بها في تعاملها مع العرب البسطاء ، فاستطاعت أن تزرع في قلوبهم الأحقاد والنعارات السابقة تجاه بعضهم البعض ، وتغذية الحمية الجاهلية والتعالي والكراهية فيما بينهم، وتشويه صورة الإسلام الحقيقي الوسطي ليتسنى لتلك الدول أن تعيش في ظل تلك التناقضات التي تمكنها من الاستيلاء على خيرات الأمة ومقدراتها المختلفة.
انني أخاطب جميع العقلاء من مختلف التيارات والتوجهات في بلداننا العربية أن يتنبهوا إلى ذلك في هذا الوقت ، وأن يعلموا أن الغرب لا صديق له مهما اخلص لهم ، ولنا في مبارك اكبر شاهد على ما نقول ، لذا يجب على الجميع أن يتكاتف ويوحد الجهود والطاقات ، وان اختلفت توجهاتهم وأرائهم ،وانه باستطاعتهم الوصول إلى صيغة مشتركة تمكنهم من الحكم بمشاركة الجميع ، في ظل وجود الإسلام الوسطي الحقيقي الذي لا يسخّر لخدمة حزب أو شخص بعينه ، وإنما هو دين الجميع .
لا بد من الحكم المشترك الذي يشارك فيه جميع الصادقين من مختلف التوجهات ، الذين يقدمون مصلحة الجميع على مصلحتهم ، ليتسنى لهم الرقي بشعوبهم ومجتمعاتهم ، وعندها تتحق المعجزة التي عجز أن يحققها الأسلاف ، وعنها نستطيع أن نصل بسفينة بلداننا إلى بر لامان ، وبناء دولة النظام وسيادة القانون ، وتحقيق العدل والمساواة والحرية والعيش الكريم للجميع .
فهل آن الأوان أن نسعى إلى ذلك .