Social Icons

29‏/07‏/2011

ثـورة الـشبـاب بـيـن الإحـبـاط ، والـدوران فـي الحـلـقـة الـمـفـرغـة .


انطلقت ثورة الشباب في اغلب محافظات اليمن ، ولم تكن بداية تلك الثورة في صنعاء باعتبارها العاصمة والمحرك الأول ، ولكن اللقاء المشترك الذي يتخذ من صنعاء مركز لانطلاقه ونفوذه ضل يراوح مكانه حتى أجبرته الثورة الشبابية للانضمام للثورة الشعبية الشبابية الذي تتخذ التصعيد السلمي الميداني خيارها لإسقاط النظام وتغييره ، مقابل خيار المفاوضات والحوار الذي يتخذه اللقاء المشترك كخيار أساسي في التغيير .

وبسبب عدم تحقيق أي تقدم على الصعيد السياسي بالنسبة للقاء المشترك ، ونزول الشباب إلى الميدان الثوري أطر اللقاء المشترك لإنزال قواعده لخوفه من مطالبة ثورة الشباب برحيله مع النظام الفاسد ، لكون كثير من قيادة اللقاء المشترك من الشخصيات التي ساهمت في تدمير اليمن وإفساده ، وبالتالي يعطي لنفسه الشرعية الثورية والسياسية ، وبرز ذلك من خلال المفاوضات الأحادية التي كان يخوضها مع دول الخليج ، والممثل الأمريكي ، والاتحاد الأوروبي ، بمعزل عن شباب الثورة ، بل وتهميش ثورة الشباب وجعل نفسه الممثل الوحيد للثورة والتغيير في اليمن ، مع انه انظم إلى الثورة الشبابية الميدانية متأخراً .

كذلك فعل الحاكم العسكري على محسن الأحمر نفس الأسلوب بانضمامه متأخرا لثورة الشباب ليقوم بعدة أداور منها الاحتماء بالثورة ، لينجوا من المحاسبة القانونية للجرائم التي ارتكبها في الماضي سواء في المحافظات الشمالية ، أو في الجنوب العربي بعد الوحدة وكان هو العنصر الفاعل المخطط والمنفذ لتدمير الجنوب والقضاء على الوحدات العسكرية الحامية للجنوب وأهله ، ليمكن للحاكم السياسي على صالح من بسط نفوذه على الجنوب ، ومن ثم يتم تقاسم التركة حسب ما يحلوا لهم ، الأمر الثاني والاهم وهو التحكم بمسار الثورة والتلاعب بها حسب المصالح والأهواء التي يسعون إليها ، لا ما تريده الثورة الشبابية الشعبية من إقامة الدولة المدنية الحديثة التي لا يسود في ظلها حاكم عسكري ولا قبلي ولا سياسي وإنما الحكم للشعب ، وكذلك نقل الحكم من الحاكم السياسي العسكري الذي فقد مناصريه العسكريين والقبليين والسياسيين والدينيين ، وأصبح التكتل الجديد من هذه الأصناف هو الذي يريد أن يسود ويحكم باسم الثورة الجديدة ، وكما قال المثل علي بن علي ، أو صنعاني وذماري ، وأن لا يخرج الحكم عن اليمن الأعلى ، وبالأصح لا يريدون أن يخرج الحكم عن الشخصيات التي تنتمي إلى مناطق الزيدية لاعتقادهم بان حكم اليمن خاص فيهم ، وان كان القميص الذي يلبسونه يتلون على حسب الأهواء والمصالح ، مرة باسم الجمهورية ، ومرة باسم الشرعية الدستورية ، ومرة باسم الشرعية الثورية الشبابية ، وكأنك يا بو زيد ما غزيت .

كانت ثورة الشباب في اليمن قد حققت كثير من الايجابيات والتطورات ، إلا أنها لم تكون تمتلك الهدف الواضح الموحد ، وبفعل فاعل وبأهداف مرسومة حاولت ساحة الثورة بصنعاء أن تكون هي المهيمن على الثورة الشبابية في كل المحافظات ، بل وأصبحت هي المتحدث الرسمي والوحيد الذي يحدد أسلوب التصعيد والتغيير والحسم في اليمن ، حتى في تسميات يوم الجمعة ، وأصبح ثوار ساحة التغيير بصنعاء هم اليمن وبغية الساحات في دولة ثانية لا تُعطى أي أهمية .

سيطرت صنعاء على ثورة الشباب بل وهيمنة عليها وأصبحت الثورة مختزلة في صنعاء ، وأصبح ثوار صنعاء يعتقدون بملكية الثورة وأنهم أصحاب شهداء الثورة المتمثلة بجمعة الكرامة ، وتناسوا العشرات من الشهداء في جميع محافظات الجمهورية وبالأخص محافظات الجنوبية العربي الذي قدموا العشرات من الشهداء منذ مطلع 2007م ، عندما كانوا يعيشون خارج التغطية في المحيط المتجمد الشمالي .

لم يكن شعار ارحل يوحي بإسقاط النظام من أول وهلة انطلقت فيه الثورة الشبابية في اليمن وبالأخص عند شباب أنصار اللقاء المشترك الذين نزلوا للساحات متأخرين وبأوامر قيادتهم التي ليس لها رؤية واضحة بل تغير رأيها وقرارها في اليوم عدة مرات ، كما اتضح ذلك بموافقتهم على المبادرة الخليجية بتقاسم السلطة مع النظام لا رحيله ، أما الثورة الشعبية في الجنوب العربي أو ما يحلوا للبعض أن يسميها بحراك المحافظات الجنوبية فقد كان الهدف واضح وجلي لأنصارها ، وبرز ذلك من خلال شعار ثورة ثورة يا جنوب، بل عندما حاولت صنعاء أن تهيمن على الثورة في اليمن بشعار أرحل تأثر بعض شباب الجنوب ، بشباب اللقاء المشترك ، لكن سرعان ما اتضحت الحقيقة وانكشف الغبار ، الذي حاول أن يغطي نور الشمس الساطع ، ونهار الحرية المشرق الواضح وضوح الشمس في رابعة النهار ، وتذكروا المثل السائد في المحافظات الشمالية الذي يقول ( من ضحك عليك مرة لا رحمه ، ومن ضحك عليك مرات لا حرمك )، أي لا رحم من ينجر وراء من يخدعه باستمرار ، بل وتوصل اقلب الشباب إلى قناعة ثابتة بأنهم لا يمكن أن يجنوا من صنعاء العنب حتى أيام ما كانوا أصحاب دولة وسيادة ، فما بال اليوم وهم خدام لصاحب العنب .

ستظل ثورة صنعاء تدور في حلقة مفرغه ، وان بذلت الجهود المختلفة وذلك لفقدانها الهدف الحقيقي للسير في الخط المستقيم الذي يوصل إلى الهدف المنشود .

وما دام قادة ثوار صنعاء هم أنفسهم أقطاب نظام الحكم السابق الذي ساهم في تدمير اليمن بشكل عام والجنوب بشكل خاص ، فلا اعتقد أن تلك الثورة ستنتصر على قوى الشر المختلفة والمتربصة بالثورة من الداخل والخارج ، لتقيم الدولة المدنية العادلة .

وستظل صنعاء هي المهيمن دائما على كل شيء مهما تغيرت الأمور ، فهل آن الأوان أن تسقط هذه الزعامة الهزيلة التي لم يجني منها اليمن السعيد قديما وحديثا إلا الخزي والعار والدمار والخراب ؟