Social Icons

16‏/03‏/2011

واجــب الإســـلامــيــيــن الـيـــوم .

سقطة الخلافة العثمانية بتخطيط دقيق من أحزاب الباطل ، وقوى الشر بشتى مشاربها وصنوفها واتجاهاتها ، فكانت الساحة ميداناً نشطاً لأحزاب المختلفة لتتصدر قضايا المسلمين ، وتلبس عليهم دينهم ، فمزقت الأمة ، وسيطرت على مقومات حياتها ، وتنوعت تلك الأحزاب ، والحكومات المختلفة في مناهجها (1)، وفقد الناس الصورة الناصعة للقيادة الحكيمة والفئة الرشيدة ، فهم إما بعيدون عن الواقع السياسي والمعترك العملي للناس ، أو هم تحت أقبية السجون ، حتى أصبح المزج بين السياسة والإسلام إجراماً في تصور أهل الباطل ، وأصبح ذلك تصوراً عاماً عندما عامة المسلمين.
ولهذا فان عملية إنقاذ الناس من الضلال ، ومن سيطرة الباطل تتم بإيجاد قوة منظمة لها نفس البناء التكويني الشكلي للأحزاب ، ولها الخط المميز المنهجي للحركة والعمل والبناء والتنمية . (2)
وهذا العمل ليس بدعة من الأمر ، بل هو ضرورة حتمية لعلاج الأمة ، وإبعاد سيطرة الباطل ، ويجب أن تلتئم جميع القوى الإسلامية الفردية والمبعثرة ، أو الجماعية المختلفة ، وأن تعمل تلك القوى على إيجاد تجمع واحد يسير نحو الغاية القويمة لكي يعيد للإسلام نصابه ، وللمسلمين منهجهم ونمط حياتهم الإسلامي . (3)
ومما لا شك فيه أن إيجاد العمل الإسلامي الجماعي المنظم الذي يعتمد مبدأ الشورى والعدل ، والوضوح والعلن ، سيكون أمراً صعباً على كثير من النفوس التي جُبلت على التسلط والتفرد ، لذلك لا تجتمع على إيجاده إلا النفوس القوية .
لا بد أن يقوم العمل الجماعي الإسلامي على أسس وقواعد تضبط مسيرته ، وتحكم ديمومته ، ومنهجية واضحة ومكتوبة يطلع عليها الجميع ، ويتحلى بكل الصفات الحضارية ، ويتسلح بكل الوسائل العصرية ، والاتجاه للعلم بكل صنوفه وأشكاله ، وهو أساس نهضة الشعوب والمجتمعات .
إن كثير من الأفكار الإسلامية إما مستغلة أو مستعمرة ، فمجرد أن يحدث التغير النفسي للمسلم تجاه غايته التي هي إرضاء الله عز وجل تبدأ الخطوات الأولى في الطريق ، وتسير القافلة ، ولذلك يقول الله عز وجل : (إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ) ، عندها يكون الإسلام نظام شامل يتناول الحياة جميعاً ، فهو دولة ووطن ، و حكومة وأمة ، وهو خلق وقوة ، ورحمة وعدالة ، وهو ثقافة وقانون وعلم وقضاه ، كما هو عقيدة صادقة ، وعبادة صحيحة سواء بسواء . (4)
إن التطرف في الفهم تجاه أمور في الإسلام دون أمور أخرى غير صحيح ، وفهم خاطئ ، فالذي يظن أن التعاليم الإسلامية والفكرة الإسلامية تتناول الجوانب العبادية أو الروحية دون غيرها من نواحي الحياة مخطئ في هذا الظن ، لا بد أن تتكون عقليات روحية وسياسية وفكرية وعلمية مختلفة ، عندها تتكامل الشخصية الإسلامية وتكون قادرة على النهوض والتقدم والرقي الحضاري .
لقد أدرك أعداء الإسلام خطورة اتصال الدعاة بالجماهير ، وأدركوا دور الجماهير في نصرة الحق وتأييده ، فعملوا بكل ما أوتوا من جهد على عزل الدعاة عن هذه الجماهير بالإشاعات المُغرضة ، والتهم الملفقة ، وصوروا للجماهير أن هؤلاء الدعاة إرهابيون متطرفون ، غرضهم الإساءة لعامة الناس ، وهذا كله لتظهر الدعوة الإسلامية بمظهر الطائفة المفارقة لعامة الناس ، فيتحقق بذلك الفصل بين الدعاة وبين الأمة في الآمال ، والآلام . (5)
في الوقت الذي تتنافس فيه الدعوات والأفكار على الجمهور ، وكل يحاول أن يحتوي هذا الجمهور لصالحه ، ويوظفه في صفه ، فإن دعوة الله وحدها تعمل لخير الجمهور ، ولا تريد من الجمهور أن يكون بقرة حلوباً لصالح فرد أو فئة أو حزب ، فهي دعوة تعطي من يؤمن بالله رباً ، وبالإسلام ديناً ، ومنهاج حياة ، أياً كان لونه وجنسه ولغته ، أرفع الرتب البشرية والمقامات العالية . (6)
إلى متى سيبقى المسلم عبداً لغيره ، ويهجر هذا العالم ويعتزله ، ويتنازل عنه زهدا ًفيه ، أو هروباً منه ؟
لا ينهض العالم الإسلامي إلا برسالته التي وكلها إليه مؤسسه محمد صلى الله عليه وسلم ، والإيمان بها والاستماتة في سبيلها ، وهي رسالة قوية واضحة مشرقة ، لم يعرف العالم رسالة أعدل منها ولا أفضل ولا أيمن للبشرية منها .(7)
إن الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده ، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة ، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام .
من ضيق خناق هذه الحياة المادية ، والمسيطرون السياسيون الذين يحتكرون وسائل الحياة والرزق والقوت ، يضيقون هذه الحياة لمن شاءوا ، ويوسعونها لمن شاءوا ، يبسطون الرزق لمن شاءوا ويقدرونه لمن شاءوا ، فأصبحت المدن الواسعة أضيق من جحر ضب ، وأصبح الناس في بلادهم في حجر ، كحجر السفيه واليتيم .
وأصبح الناس في أغلال وأصفاد في كل مكان ، مهددين في كل وقت بمجاعات مصطنعه وحقيقية ، وحروب خارجية وداخلية ، واضطرابات شبه يومية . (8) .
لقد انفضحت الأنظمة المصطنعة وبدت سوأتها للناس ، واشتد تذمر الناس منها ، فهذا طور انتقال من قيادة الظلم والجور والفساد ، إلى قيادة العدل والتنمية .(
9)
إن علة المسلمين اليوم هو الرضا بالحياة الدنيا والاطمئنان بها ، والارتياح إلى الأوضاع الفاسدة ، فلا يقلقه فساد ، ولا يزعجه انحراف ، ولا يهيجه منكر ، ولا يهمه غير مسائل الطعام والشراب واللباس .
إذا أردنا أن نضطلع برسالة الإسلام ، فلا بد من تجميع للقدرات المبعثرة ، والاستعداد التام في العلوم والصناعة والتجارة والسياسة ، وكل الفنون الحياة المختلفة .
إن التماسك حول العقيدة القويمة ، والقيادة الأمينة هو الذي يتعب الأعداء في كل زمان ومكان ، وهو الذي يكلفهم الجهد والمشقة ، عندها تتجه جهودهم لتحطيمها .(10)
فهل حان الأوان أن نفيق من سباتنا ، ونطلق من ركودنا ، ونتجه نحو الواقع بالبناء والتطور ، لنحقق العدل والتنمية لشعوبنا ؟ .
(1) الأهداف الرئيسة للدعاة إلى الله - ص21 .
(2) جند الله – ص25 .
(3) الأهداف الرئيسة للدعاة إلى الله – ص22 .
(4) رسائل البناء – ص11 .
(5) قواعد الدعوة إلى الله - ص145 .
(6) قواعد الدعوة إلى الله - ص147 .
(7) ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين – ص285 .
(8) ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين – ص286 .
(9) ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين – ص288 .

0 التعليقات: