Social Icons

11‏/06‏/2011

فـقـر الـقـيـادة فـي الـعـالـم الإسـلامـي


جاء النبي عليه الصلاة والسلام إلى هذه الأمة ، ورأى الأفراد والهيئات البشرية كخامات لم يحظ بصانع حاذق ، ينتفع بها في هيكل الحضارة ، وكألواح الخشب لم تسعد بنجار يركب منها سفينة تشق بحر الحياة.

رأى الأمم قطعاناً من الغنم ليس لها راع ، والسياسة كجمل هائج حبله على غاربه ، والسلطان كسيف في يد سكران يجرح به نفسه ، ويجرح به أولاده وإخوانه .

في كل ناحية من نواحي هذه الحياة الفاسدة تسترعي اهتمام المصلح وتشغل باله .

ولذا حرص الإسلام من أول يوم على رد النفس البشرية إلى فطرتها ، وفق منهج دقيق متناسق يحفظ للروح والعقل والبدن حقوقهم من غير تفريط ولا إفراط .

فإن الفضيلة كما يقول الإسلام تحيى إذا جاهد الإنسان لبسط سلطانها على الأرض ، وتموت إذا خذلها وتقاعس عن نصرتها .

ولهذا قال عمر بن الخطاب لعمرو بن العاص عامل مصر ، وقد ضرب ابنه مصرياً ، وافتخر بآبائه قائلا : خذها من ابن الأكرمين ، فاقتص منه عمر ، وقال : متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً ، فلم يبخل هؤلاء بما عندهم من دين وعلم وتهذيب على أحد ، ولم يراعوا في الحكم والإمارة والفضل نسباً ولوناً ووطناً ، بل كانوا كسحابة انتظمت البلاد وعمت العباد ، وغوادي مزنة أثنى عليها السهل والوعر ، وانتفعت بها البلاد والعباد على قدر قبولها وصلاحها .

وهذا ما امتاز به أصحاب النبي محمد عليه الصلاة والسلام بأنهم كانوا جامعين بين الديانة والأخلاق والقوة والسياسة ، وكانت تتمثل فيهم الإنسانية بجميع نواحيها وشعبها ومحاسنها المتفرقة في قادة العالم ، وكان يمكن لهم بفضل تربيتهم الخلقية والروحية السامية واعتدالهم الغريب الذي قلما اتفق للإنسان ، وجمعهم بين مصالح الروح والبدن ، وعقلهم الواسع أن يسيروا بالأمم الإنسانية إلى غايتها المثلى الروحية والخلقية ولمادية .

في اعتقادي أن الدعوة الإسلامية في هذا الزمن تشكو من فقر في القيادة والتنظيم ، ولا أكون مبالغاً إذا قلت أن عناية الحركة الإسلامية في تهيئة دعاة موجهين وخطباء مرشحين يفوق عنايتها في تكوين قادة منظمين ، حتى هذه النسبة الضئيلة في مجالات التكوين التنظيمي فغالباً ما تسوقها الصدف ، وقلما يأتي بها القصد والتصميم

وحتى المراكز القيادية في حياة الدعوة فقد بات لا يرشح لها إلا أصحاب الكفائأت ( العلمية والشرعية ) دونما القدرات التنظيمية ذات الكفائأت القيادية والإدارية ، فلا يكاد يبرع أخ في الخطابة أو ينال آخر مؤهلاً شرعياً حتى يرى نفسه لها أهلاً ، وهذا ما كان يؤدي في غالب الأحيان إلى إخفاقه في كثير من المهمات ، وبالتالي إلى خسارة الأخ نفسه بسبب ردود الفعل النفسية التي تصيبه منجراء فشله المتلاحق .

فمركز القيادة مركز الدائب والعمل المتواصل والجهاد المستمر .

ولذا كان من أهم موضوعات التنظيم ما يتعلق بالقيادة وخصائصها وصفاتها .

ولمعرفة القائد لامته تماماً يلزم أن يكون ملماً إلماماً جدّياً بشؤونها الفكرية والتوجيهية والتنظيمية ، مواكباً لنشاطها ، مطلعاً على أعمالها وتصرفاتها ، وما يدور في محيطها .

وضمان نجاح القيادة إنما يكون في تلاحمها مع أفرادها وعدم انفصالها عن الموكب المتحرك أو انعزالها في صومعة ، بل أن المسؤولية القيادية لتتطلب من صاحبها الاتصال الدائم بالإفراد والتعرف على آرائهم ومشكلاتهم .

وقيام القائد بملاحظة الأفراد وتعرفه عليهم جيداً ، وإطلاعه على أحوالهم وأوضاعهم الخاصة والعامة ، ومشاركتهم أفراحهم وأتراحهم ، والعمل على حل مشكلاتهم ، كل هذا مما يساعده على ضبطهم وكسب ثقتهم ، وبالتالي على حسن الاستفادة من طاقاتهم .

والأفراد ينظرون دائماً ويتطلعون إلى قادتهم كأمثلة حسنة يقتدون بها ويحذون حذوها ، فسلوك القائد ونشاطه وحيويته وأخلاقه وأقواله وأعماله ذات أثر فعلي على الجماعة بأكملها .

والقوة والإرادة ركن من أركان الشخصية القيادية بها تذلل الصعاب ، وبها تحل المشكلات ، وبها نجتاز العقبات .


إن الإسلام في هذا الزمن بحاجة إلى قيادة يحسنون عرض الأفكار الإسلامية ومبادئه ، ويحببون الإسلام فلا ينفرون منه ، ويوضحون أفكاره فلا يعقدونها ، فكم من أدعياء شوهوا الإسلام بسوء دعوتهم ، وأساؤا إليه وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً .

وأود أن أشير هنا إلى أن المحن والشدائد يجب أن تبعث في النفوس معاني الإصرار على الحق والثبات دونه ، كما ينبغي أن تدفع إلى مراجعة الأخطاء، وتعبئة القوى على ضوء الاستفادة من التجارب والأحداث

ان درب الدعاة في هذا العصر درب محفوف بالإغواء والإغراء ، لقد هدمت جاهلية القرن العشرين وما تلته في الواحد والعشرين كل معنى من معاني الفضيلة والخير والكرامة ، وأسفرت عن وجه كالح شاحب ترتسم فيه وتتوافر أساليب الغواية والفتنة ، وأزكمت مادية هذا العصر الأنوف حتى أصبح الإنسان لا يفكر إلا بها ، ولا يعيش إلا لها ، ولا يحكم على الأشياء إلا من خلالها ، أعمت بصره وبصيرته ، وأماتت حسه وشعوره .

وقد يكون من أهم ما تجب العناية به ووضع المناهج له ، تحويل المفاهيم والأفكار الإسلامية إلى سلوك وخلق أي إلى نفسية إسلامية ،وهذا ما يفرض إحكام الربط بين العقلية والنفسية أي بين التفكير والتطبيق ، ولقد ندد الإسلام بالانفصال جزئي الشخصية عن بعضها البعض فقال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون ) .

وفي كل الأحوال تحتاج الأمور المهمة إلى إِشراك مستشارين وأشخاص هم على جانب كبير من حصافة الرأي والتفكير ، وعلى القائد المسئول أن يكون لديه الشجاعة الكافية لاستقبال جميع الآراء التي تساعد على نضوج قراره حول المشروع الذي يريد صنعه ، فكيف إذا كان المشروع صناعة الإنسان ، وتطويره ، والارتقاء به إلى أعلى الدرجات .

فالقيادة لا تعني فرض الإرادة على العبيد المجهولين بل تعني الشورى والقيادة معا ، وتنمية تبادل الرأي والإخلاص للعمل .

كل قائد يحيط نفسه بأركان التي تقدم له كل شيء من عيون راصدة ، أيادي حارسة ، آذان ناصته ، شفائف متكلمة ، أدمغة مفكرة ... الخ ، ولكن مهما كانت صفة توظيفهم فهم ليسو سوى أعضاء ذات فعاليات منصبة لمصلحة شخص واحد الذي هو القائد ، وقدرة الله فوق كل كبير متعال .


06‏/06‏/2011

لا تـكن كـذابا مـثـل عـبـده الـجَـنَـدي .


لا تكاد سورة من سور القرآن إلا وفيها ما يمت بصلة لذم الكذب أو الوعيد للكذابين والتنفير من هذا الفعل الأثيم ، وقد بين الله سبحانه أن أهل الكذب تسود وجوههم يوم القيامة كما قال الله تعالى : ( ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة ) ، وهو من صفات المنافقين ، كما جاء في الحديث : ( إذا حدث كذب ) ، وقــد حــذر النبـــي صلى الله عليه وسلم مـن الكذب وبيَّن سـوء عاقبتــه فقــال
: ( وإن الكـذب ليهـدي إلـى الفجـور، وإن الفجــور ليهــدي إلــى النــار، وإن الرجـل ليكــذب حتــى يكتــب عنــد الله كذابـاً ).

ان الداعي إلى الكذب في كثير من الأحيان محبة النفع الدنيوي ، وحب الترؤس ، فالكذب عار وذل دائم ، والكذب مبغوض من فاعله رجلا كان أو أمراة ، فكيف لو كان حاكماً، أو وزيراً أو ناطقاً رسمياً باسم الدولة ، الذين يسعون إلى تنميق الوجه الحسن ، وهم ويبطنون عكس ذلك ، ثم يجعلون من ذلك الحاكم أميرا للمؤمنين

الحاكم الكذاب هو الذي يتأمر على وطنه ثم يدعي بالوطني !! والحاكم الكذاب هو الذي يسرق مال الشعب ثم يدعي أنه أمين عليه !! والحاكم الكذاب هو الذي يوالي أعداء دينه ووطنه ، ثم يدعي أنه يعمل لصالح دينه وطنه وشعبه !! وهو الذي يحدث قومه عن الرخاء وهو يضعهم في البلاء .

فكيف بمن حوله من الوزراء والناطقين الإعلاميين والوسائل الإعلامية ، وقد سخرت لخدمته والتسبيح بحمده ليلاً ونهاراً ، بل ويجعلون من الكذب صناعة إعلامية يتفننون بإخراجها حتى يظن العوام من الناس أنهم على الحق المبين

بل ويحولون الكذب من فعل شخصي ، لا يضر إلا فاعله إلى صناعة إعلامية تضر بالبلاد والعباد، وتنشر الفساد في الأرض ، وتحرض على الكراهية والقتل بين أبناء البلد الواحد ، عندها يصير الضرر متعدي إلى عامة الناس ، وينتشر بين الشعب العداوة والبغضاء ، ويصل إلى حد الاقتتال في كثير من الأحيان .

عبده الجَنَدي اسم أصبح متداول على السنة الناس في مختلف محافظات اليمن ، حتى في الدول المجاورة ، ولكن يا ترى بماذا اشتهرت هذه الشخصية إلى حد أن أطفال كانوا يعلبون في احد أودية اليمن المترامية الأطراف تحت أحد الأشجار ، وقد استطاعوا أن يزيحوا من تحت تلك الشجرة التي يلعبون تحتها الشوك والأحجار المختلفة ، ويحولون ذلك المكان الصغير إلى ملعب للكرة ، يتبارى فيه الفتية الصغار ، ولكن لا توجد لديهم كرة قدم في ظل الحكم الرشيد ، وفخامة القائد الرمز ، إلا مجموعة من نفايات الكراتين التي جمعوها من هنا وهناك ، وحولوها إلى كتلة صغيرة تشبه الكرة ، وبسبب حبهم لتلك اللعبة التي يلعب بها الكبار ، فَحَب الصغار أن يجربوها ، وأثناء لعبهم تناثرت تلك الكرة البسيطة المصنوعة من نفايات الكراتين ، فقال احدهم لصاحبه ستجدون ما يسركم ، قالوا وما ذاك ، قال سيرسل لنا الوالد الرمز علي عبد الله كرة قوية لنلعب فيها ، قال له صاحبه وبكل عفوية لا تكن كذابا مثل عبده الجندي !! لقد اشتهر ذلك الرجل بالكذب والتضليل على الناس بأساليبه المختلفة .

لا تكن كذابا مثل عبد الجندي أخي الكريم أينما كنت حتى الصغار أصبحوا يعرفون ذلك النوع من الكذب ، ويميزون بين الصحيح من القول وغيره .

ان الناس يتنافسون على صناعة الأوطان والرفع من شانها ، وعبد الجندي ومن معه يتفننون في الكذب ، حتى أصبحوا من صناع الكذبة الإعلامية التي يقولونها وتبلغ الأفاق في مثل هذا العصر المتطور ، ولهذا حذر النبي صلى الله عليه وسلم من مثل هذا النوع من الكذب ، واخبرنا أن عقاب مثل هذا النوع من الكذب اليم كما جاء في الحديث : (وَأَمَّا الَّذِي رَأَيْتَ يُشَرْشِرُ فَمُهُ إِلَى قَفَاهُ وَمَنْخَرُهُ إِلَى قَفَاهُ فَذَاكَ رَجُلٌ يَخْرُجُ مِنْ مَنْزِلِهِ , يَكْذِبُ الْكَذِبَةَ، فَيَشِيعُ فِي الآفَاقِ ) هذا جزاء ذلك الكذاب الذي يخرج من بيته فيكذب أمام وسائل الإعلام فتنتشر كذبته في الأفاق ، وهو يعلم انه يكذب

سئل النبي صلى الله عليه وسلم : ( أيكون المؤمن جبانا فقال نعم ، فقيل له أيكون المؤمن بخيلا فقال نعم ، فقيل له أيكون المؤمن كذابافقال لا ) ،فالكذب بأنواعه صفة ذميمة ويكون أشدها ذماً كذب الإعلاميين لأن هذه الوظيفة يتطلب من القائمين عليها النزاهة والصدق.. فكيف بوسائل الإعلام الرسمية المختلفة في مختلف البلدان العربية التي أصبحت وسائل لتنويم الناس بالكذب وتزوير الحقائق ، والتحريض على الفتنة والقتل .

سيرحل الرئيس ومن معه ، نعم سيرحل ولكن أين سيرحل الكذبة المزورون للحقائق ، المتباكون على الوطن زوراً وبهتاناً في وسائل إعلامنا المختلفة ، هل ستستمر تلك الوجوه الكالحة في أماكنها ، وتستمر الحكاية ؟ وأين سيكون مصير عبد الجندي الكذاب الأشر ؟ أسئلة نطرحها على شباب الثورة لعلنا نجد عندهم الحل .

فإلى متى سيكون الشعب المسكين لعبة بالية يلعب بها القريب والبعيد ، وفي أي وقت يريد .