Social Icons

02‏/03‏/2011

الحكم المشترك في ظل تعدد الأحزاب والأفكار والتيارات في ظل الدول العربية


لقد تأسست الدولة الإسلامية على يد مؤسسها صاحب الوحي والشريعة محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام ، والمؤيد من قبل الله سبحانه وتعالى ، في ظل ظروف متشابهة لما نعيشه في واقعنا المعاصر من ضعف وتمزق وتقاتل وتناحر بين العرب أنفسهم .
لقد كانت فترة ما قبل الدولة الإسلامية تعج بالفوضى وانتهاك الحرمات ، وتسلط الكثير من حكام القبائل والعشائر وملوك بعض البلاد ، مع تشتتهم وعدم الرقبة في الاجتماع واللحمة ، وذلك لعدم تنازلهم أو الخضوع لبعضهم البعض مع قرب الصلاة التي تربطهم ، وفي المقابل كان هناك تمركز لقوا كبرى من حولهم لها سمات الدول المنظمة ، صاحبة السيادة المطلقة كما في عصرنا الحاضر .
لقد دارت بين أفراد تلك القبائل المتناثرة حروب طاحنة ، بل كثير مناها كان يحدث بين أفراد القبيلة الواحدة ويستمر لعشرات السنين مخلفاً المئات من القتلى ، الإبادة الجماعية للحرث والنسل .
وهذا إنما يدل على حجم التخلف الذي وصلت إليه تلك القبائل المتناثرة هنا وهناك ، ومقارنة بدول لها قدرة عالية من التنظيم والتطور في مختلف ميادين الحياة ، كانت تعيش بجوارهم .
لم يكن يحلم ذلك العربي البسيط في تلك الصحراء المترامية التي ألف العيش فيها ، إلا بفريسة ينقض عليها في صباحه الباكر ، ومن ثم يعود وهو ينشد الشجاعة والمجد ، وإذا استشعر العار أو المهانة مما حوله واقرب الناس إليه كانت النتيجة أن يقدمهم قربانا في سبيل تحقيق تلك الكرامة المزعومة، أو دفع لتهمة العار التي يعتقد أنها تلاحقه بوجود بنيات صغيرات في بيته يخشى أن يسببن له العار والذل في المستقبل.
لم يستطع أولئك أن يقيموا دولة قائمة على النظام ذات سيادة واحدة ، يسودها العدل وينتشر الخير في أرجائها ، حتى جاء الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام وهو يحمل الهدى والنور لقومه وأمته ، لم يكونوا يصدقون أن ذلك سيحدث ، فكان الأعراض من قبل قومه وعشيرته لشعورهم باستحالة ما يدعوا إليه وهو يقول لهم ، قولوا لا إله إلا الله كلمة تدين لكم بها العرب ، وتملكوا بها العجم ، لقد كان تمسكهم بما كان عليه الآباء والأجداد شعور يقودهم للمحافظة على ارث الماضي البغيض ، لكنها النبوة التي بشرت بها الرسالات السابقة على يد انبياء بني إسرائيل باقتراب النور الخاتم ، وانتقال القيادة من بني إسرائيل إلى امة جديدة تعمل أثمارا ، وان الله سيبارك فيها ويكثرها ، ويكون مجدها محموداً بين الأمم والشعوب ، وان بداية ذلك النور سيكون من جبال فاران ( مكة المكرمة ) ثم يصل ذلك النور لجميع العالمين .
لقد تأسست دولة الإسلام وكانت مثالاً للعدل والحرية والكرامة ، وإرساء قواعد العدل والمساواة بين البشر ، وفي ظلها تساوى الجميع في الحقوق والواجبات ، وانه لا فرق بين ابيض أو أسود إلا بما يحمله من إيمان وتقوى ، فاستطاع محمد العربي الأمي أن ينتشل تلك الأمة المتناثرة المتناحرة ، ليكون منها تاريخ وحضارة شهد له التاريخ اجمع .
لقد جاء ليخرج الناس من العبادة للفرد وتسخير الحياة من اجله ، إلى عبادة رب العباد وجعل الحياة طريق لمرضته سبحانه .
ولما عاد الأحفاد بعد قرون طويلة إلى عقلية الماضي السحيق المبنية على تسلط القوي على الضعيف ، وسلب الضعيف كل خيارات الحياة والعيش بكرامة ، وفي المقابل دولة غربية وصلت إلى مراتب عالية من التقدم والرقي ، وجعل مصلحتها فوق القيم والمبادئ التي تنادي بها في تعاملها مع العرب البسطاء ، فاستطاعت أن تزرع في قلوبهم الأحقاد والنعارات السابقة تجاه بعضهم البعض ، وتغذية الحمية الجاهلية والتعالي والكراهية فيما بينهم، وتشويه صورة الإسلام الحقيقي الوسطي ليتسنى لتلك الدول أن تعيش في ظل تلك التناقضات التي تمكنها من الاستيلاء على خيرات الأمة ومقدراتها المختلفة.
انني أخاطب جميع العقلاء من مختلف التيارات والتوجهات في بلداننا العربية أن يتنبهوا إلى ذلك في هذا الوقت ، وأن يعلموا أن الغرب لا صديق له مهما اخلص لهم ، ولنا في مبارك اكبر شاهد على ما نقول ، لذا يجب على الجميع أن يتكاتف ويوحد الجهود والطاقات ، وان اختلفت توجهاتهم وأرائهم ،وانه باستطاعتهم الوصول إلى صيغة مشتركة تمكنهم من الحكم بمشاركة الجميع ، في ظل وجود الإسلام الوسطي الحقيقي الذي لا يسخّر لخدمة حزب أو شخص بعينه ، وإنما هو دين الجميع .
لا بد من الحكم المشترك الذي يشارك فيه جميع الصادقين من مختلف التوجهات ، الذين يقدمون مصلحة الجميع على مصلحتهم ، ليتسنى لهم الرقي بشعوبهم ومجتمعاتهم ، وعندها تتحق المعجزة التي عجز أن يحققها الأسلاف ، وعنها نستطيع أن نصل بسفينة بلداننا إلى بر لامان ، وبناء دولة النظام وسيادة القانون ، وتحقيق العدل والمساواة والحرية والعيش الكريم للجميع .
فهل آن الأوان أن نسعى إلى ذلك .

0 التعليقات: